بطاقة اليانصيب
السيد إيفان ديمتريش يجلس إلى طاولة الطعام يتناول عشاءه بعد يوم عمل
شاق، وبعد أن يفرغ منه وقبل أن يهم بقراءة الصحيفة، آعادته وعادة آل
الأزواج تقريبا، آل يوم تذآره أم العيال السيدة الفاضلة ماشا، التي تشارآه
شظف العيش، تذآره أن اليوم هو إعلان نتيجة اليانصيب الأخير الذي اشترت
ماشا واحدة من بطاقاته .العزيز إيفان رجل جاد لا يؤمن بالحظ، وبالأحرى يرى
أن الحظ ليس من نصيبه وإلا لماذا حاله هكذا؟ غير أن الرجل، على ضيق
حاله قنوع راض بدخله المتواضع. إيفان يسأل، في غير اآتراث واضح، زوجته
عن رقم البطاقة ويبدأ في التفتيش عن الرقم الفائز المنشور في الصحيفة
التي بين يديه .تناوله ماشا البطاقة فيقرأ الرقم بطرف عين، وقد رأى أن الرقم
الفائز هو رقم بطاقة ماشا. وفي لحظات تتغير نفسية الرجل ويغوص فجأة في
أحلامه وينسى نفسه.. آيف سينفق هذه الثروة التي هبطت عليه.. يغير
البيت؟ طبعا. وآل الأثاث؟ بالتأآيد. ويسدد الديون المتراآمة عليه؟ لا بأس.
ولكن الباقي ما مصيره؟ في البنك يا عزيزي ليضمن عائدا يتلاءم مع متطلبات
المرحلة الجدية التي ولجها .
فجأة يتحول العزيز ديمتريش من رجل قانع إلى شخص طامع لديه نهم إلى
الإسراف والتبذير، فهذه الورقة التي بين يديه ستنقله من عالم إلى عالم
آخر، ليس هو وحده وإنما معه الأولاد وأم الأولاد الحصيفة التي اشترت
البطاقة. يتوقف إيفان ديمتريش عن الاسترسال في أحلامه برهة وينظر إلى
ماشا ليخبرها أنه سيسافر إلى خارج البلاد في رحلة سياحية. العزيزة ماشا
يبدو أن أحلامها هي الأخرى آانت اختمرت في مؤخرة جمجمتها، حيث تبادره
قائلة .. أنا أيضا أود السفر إلى الخارج، على طريقة "رجلي على رجلك"
المعروفة بين الزوجات .
للكلام وقع صاعقة على الرجل الذي آان، حتى لحظات قليلة، وقورا. لم يكن
يتخيل أن تطلب أم العيال السفر للخارج، ويتساءل- في نفسه طبعا- ماذا تريد
ماشا؟ أتريد ملازمتي فلا أسافر وحيدا واستمتع بسفرتي حتى النهاية؟ وفي
ثواني معدودات تتحول صورة المرأة التي رافقته رحلة الحياة إلى شبح مزعج؛
عجوز لا تعرف إلا الشكوى، ولا تشم منها إلا رائحة المطبخ؛ في جسدها
وفي ملابسها. لم يعد فيها شيء يجذبه إليها. أما هو فمازال شابا وسيما-
هكذا تخيل- ولا يخلو من جاذبية، فلماذا لا يتزوج من أخرى؟ نعم لماذا لا
يتزوج من أخرى؟
"انطون تشيخوف"